مما يجدر الإشارة إليه والتنويه له هو أهمية التعليم الأهلي في مسيرة التعليم السعودي، وحاجة المجتمع له ولدوره الجوهري في تخفيف العبء على التعليم الحكومي والعمل بخط موازي له تحت إشراف وزارة التعليم.
هذا الدور اتضح جلياً في رؤية المملكة 2030م التي استهدفت أن تصل خدمات التعليم الأهلي لنسبة 25% مع مطلع عام 2020م لكن ذلك لم يكن ليتسنى مع ظروف جائحة كورونا العالمية.
واليوم وقد وصل التشغيل في المدارس الأهلية والعالمية بالمملكة العربية السعودية بقدرة استيعابية تزيد عن مليون طالب وطالبة وما يزيد عن مئة ألف معلم ومعلمة بمدارس تربو على ستة الآف مدرسة ( احصائية وزارة التعليم بصحيفة الوطن ، 2020م) نجد أن هذه المكتسبات من مشاركة التعليم الأهلي لمسيرة التعليم في السعودية تستحق مبادرتنا للمحافظة عليها، وأن نقف صفاً بصف لدعمها في ظل جائحة فرضت أنماط جديدة من التعليم لم تكن في الحسبان ولم تكن ضمن خطط المدارس الأهلية من قبل.
كان من المأمول أن تزيد نسبة مشاركة القطاع الخاص في التعليم الأهلي كما خططت الوزارة ووفق تطلعات الرؤية، حيث أن النسبة الحالية تصل 17.6% بالنسبة للمدارس وتقدر مشاركة الطلاب في التعليم الأهلي 16.1% وهي نسبة منخفضة، وركزت الوزارة في وقت سابق على رفعها إلا أن جائحة كورونا قد تؤدي إلى تسرب أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات إلى المدارس الحكومية إضافة إلى احتمالية تضرر وإغلاق مدارس أهلية والاستغناء عن المعلمين فيها الأمر الذي قد يؤدي إلى خفض نسبة مشاركة القطاع الخاص بالتعليم الأهلي بدلاً من زيادتها.
وفي ظل هذه الأزمة الحقيقية والخانقة للتعليم الأهلي لا بد من تلمس الحلول، وضرورة أن تكلف لجان وزارية لدراسة الوضع الراهن ومدى طول فترة الدراسة عن بعد، وإلى أي حد ستكون الأضرار الناجمة عن ذلك، والخروج بمعالجات على المدى القصير والطويل تساهم في دعم التعليم الأهلي ورفع قدرته على تحمل الضغوط المالية للمرحلة الراهنة، وهناك أمثلة لبعض الحلول الممكنة التي قد يكون تم تطبيق جزء منها:
- إعفاء المدارس الأهلية من الرسوم الحكومية المتعلقة بتشغيل تلك المدارس لفترة محدودة مما يخفف العبء المالي في النفقات ويساعد تلك المدارس في تنظيم ميزانيتها السنوية.
- مساهمة الدولة بنسبة جزئية 20% على الأقل من رواتب المعلمين والمعلمات مما يخفض تكاليف الإنفاق على الرواتب لفترة 6 أشهر على الأقل.
- تقديم قروض غير ربحية للمدارس الأهلية تسدد على دفعات بعد زوال الجائحة.
- وهناك أيضاً معالجات يجب أن تبادر بها المدارس الأهلية من أجل استمرار الطلاب والطالبات المسجلين فيها، وذلك من خلال جودة التعليم الذي تقدمه عن بعد. وزيادة فترته الزمنية ومرونته وإتاحة الوقت للطلاب للمراجعة والاستفسارات في أوقات غير أوقات الحصص وتقديم تجارب ومبادرات نوعية في التعليم عن بعد تميز المدرسة الأهلية وتجعلها خيار مفضل لولي الأمر لاستمرار تسجيل أبناءه.
- الحذر من أي محاولة لرفع الرسوم الدراسية على الطلاب مهما كانت الدواعي والمبررات لذلك لأن مثل هذا القرار سيساهم بمزيد من تسرب الطلاب والطالبات إلى التعليم الحكومي.
إن مشاركة القطاع الخاص في التعليم هي استراتيجية وطنية حققت الكثير من المكتسبات في التعليم العام في الفترة الماضية ونحن بحاجة ماسة للمحافظة على ما تم تحقيقه فأي خلل يصيب التعليم الأهلي قطعاً سيؤدي إلى مشكلات في التعليم الحكومي ومن أبرزها تجاوز القدرة الاستيعابية من الطلاب والطالبات في عدد من المدارس الحكومية وما يترتب على ذلك من تأثير سلبي على العملية التعليمية. ونقول ختاماً هي مرحلة صعبة بتكاتف مؤسسات المجتمع مع القطاع الخاص سيتم تجاوزها بعون الله.