لقد أصدرت وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية مع بداية الفصل الدراسي الثاني لهذا العام 1443هـ بطاقة تشخيص المعلم من قبل المشرف التربوي، واحتوت هذه البطاقة على العديد من المجالات وكان من أهم هذه المجالات مجال التطوير المهني حيث ضمن عدد من البنود منها البند الثاني (تبادل الخبرات المهنية والتخصصية مع زملائه وتفعيل مجتمعات التعلم المهنية) ولقد قُمت بإجراء بحث (إجرائي) بعنوان الأداء التدريسي لمعلمي الدراسات الاجتماعية من واقع بطاقة تشخيص المعلم المحدثة بنظام نور واحتياجاتهم المهنية، وقد أظهرت الدراسة أن هنالك ضعف في تبادل الخبرات المهنية والتخصصية وتفعيل مجتمعات التعلم المهنية بما نسبته 68% من عينة البحث والبالغة 32 معلماً، ومن هذا المنطلق نطرح عدة تساؤلات:
ما هي مجتمعات التعلم المهنية؟ وكيف يتم تفعليها؟ وما الفائدة المرجوة منها؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجهها؟
لقد أظهرت الدراسات التربوية الحديثة أهمية مجتمعات التعلم المهنية في إيجاد بيئة العمل الداعمة وأثرها على الرضى الوظيفي للمعلمين والقيادات المدرسية وعلى تشجيعهم بتجربة ممارسات جديدة في الفصول الدراسية وغيرها، كما بينت الدراسات الأثر الإيجابي لمجتمعات التعلم على تحسين نوعية فرص التعلم المقدمة للطلاب، كما أشارت إلى أن مجتمعات التعلم المهنية هي من أفضل الوسائل وأهمها في تحسين كفاءة الأداء المدرسي وزيادة فاعليته، إذ أن النشاط الذي يقوم به مجموعة من المعلمين لتنفيذ أنشطة التعليم والتعلم والتخطيط والتقييم من خلال النمو المهني لأفراد المجموعة الناجم عن التفكير الجمعي وتشارك الخبرات العلمية يكون موجها نحو الغايات المشتركة في تحسين تعلم الطلاب وتطوير الشعور بالمسؤولية الجماعية عن تحقيق ذلك.
وتُعرف المجتمعات المهنية بأنها مجموعات من الأفراد المنتمين إلى نفس المهنة تتشكل وفق أطر متعددة ومستويات مختلفة يجمعهم الاهتمام المشترك بجعل أدائهم أكثر كفاءة وفاعلية ويعملون بصورة تعاونية من خلال أوعية متعددة تتيح تبادل الخبرات واكتساب أفضل الممارسات ومعالجة الصعوبات والتحديات التي تواجه عملهم.
لقد حدد شيرلي هورد (2009م) مجموعة من الأبعاد القائمة على نموذج التعلم البنائي لمجتمع التعلم المهني في المدرسة وهي: القيادة التشاركية الداعمة والرؤية والقيم ، والقناعات المشتركة، والتعلم الجمعي لدعم تعلم الطلاب، وتشارك الممارسات والخبرات، وبنية تنظيمية توفر الوقت والموارد اللازمة، وعلاقات عمل إيجابية.
إن عملية تفعيل المجتمعات المهنية في الميدان التربوي من شأنها أن تحقق العديد من المزايا على مستوى المدرسة أو على مستوى أعضاء المجتمع المدرسي أو على مستوى التنمية المهنية، وعملية نجاح المجتمعات المهنية تقف بعد توفيق الله على عدد من العوامل التي تتعلق بالثقافة، ومكان العمل والعلاقات ، وفرص التنمية المهنية التي تركز جميعها على تعلم الطلاب وعلى النتائج في إطار من التعاون.
وتقوم مجتمعات التعلم المهنية على عدد من المبادئ الأساسية التي تشكل ركائز مجتمع التعلم وتميزه عن غيره وهي: تشارك الرؤية والقيم والأهداف، تبني ثقافة التعاون والتركيز على تعلم الطلاب والتركيز على النتائج.
ومن خلال تفعيل المجتمعات المهنية يمكن جني العديد من الفوائد من أهمها: اكتساب المهارات، وسرعة النمو المهني ، وخلق بيئة جاذبة في المدارس، والتخفيف من الأعباء على مدير المدرسة ، إلا أن هنالك مجموعة من التحديات التي تواجه هذه التفعيل منها شيوع ثقافة العزلة المهنية، وكذلك ضعف أو غياب الحوار المستند إلى البيانات والشواهد، والخوف من ا لمبادرة، والخوف من الوقوع في الخطأ.
ويمكن إنشاء أوعية مجتمعات التعلم المهنية من خلال تشكيل فرق متخصصة كأن يكون فريق متخصص لتقديم الدعم للطلاب الذين يواجهون تحديات في التعلم والتحصيل أو فرق متخصصة في معالجة الضعف في الاختبارات الدولية أو فرق متخصصة من المعلمين المتميزين في مهارة معنية بالتنسيق مع المشرف التربوي لتقديم الدعم لأقرانهم أو شبكة من المشرفين التربويين والمعلمين لتوفير الدعم الفني للمعلمين الجدد.
ويمكن أن تمارس مجتمعات التعلم المهني من خلال التدريب المباشر أو ورش العمل أو المؤتمرات والندوات المتخصصة أو البرامج الأكاديمية أو البحوث الإجرائية أو التدريب بالأقران أو الشبكات المهنية أو يمكن تصنيف مجتمعات التعلم المهنية حسب محور اهتمامها، وحقيقة التقنية الآن تدعم هذه التوجه وخاصة في برنامج التيمز يمكن إنشاء مجموعة تعلم مهني وإضافة الأعضاء وطرح الأفكار ومناقشتها ومشاركة الملفات وغيرها وهذا عن تجربة شخصية.
ولكي نحصل على تفعيل جيد لهذه المجتمعات يجب أن تتظافر الجهود من المؤسسات التربوية لتقديم الدعم بشكل أكبر لتفعيل وتحفيز الميدان ونشر ثقافة المجتمعات المهنية وتقويم الممارسات وتقديم التغذية الراجعة لتتحقق الغاية من هذه المجتمعات المهنية.